الجمعة 29 مارس 2024 - 01:58 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية تقارير كيف تنجو بحياتك حين تسقط من طائرة انفجرت للتو؟

 

 الكاتبة الساخرة رشا عبادة تكتب : دليل السقوط الآمن
 

كيف تنجو بحياتك حين تسقط من طائرة انفجرت للتو؟

  الخميس 26 مايو 2022 07:45 مساءً   




لا داعي"للفذلكة" الأشياء كلها تحدث -عادي جدًا-، القصة لا تحتاج لدعوة أمُك عليك ولا لطاقات الآخرين السلبية التي تصلك في هيئة حقد أوحسد. ليس من حقك أن تسألني لماذا لا أحدثك عن أسباب ركوب الطائرة أو أعرض لك مثلًا مزايا السفر بها على سبيل التشجيع؟ هذا بالتحديد ما فعله موظف السجل أثناء تغيير بطاقتي الشخصية منتهية الصلاحية؛ والتي كانت لا تزال تحتفظ خانتها الاجتماعية بـ لقب آنسة؛ قدمت له ورقة طلاقي فطلب مني قسمية زواجي من نفس الرجل الذي طلقت منه! مؤكِدًا تحت بند الروتين: "إننا لازم نثبت الزواج أولًا، عشان نقدر نثبت الطلاق"! وبالقياس عزيزي الراكب، فإن توفُر الطلاق دليل على زواجٍ يسبقه، وسقوطك المحتمل من الطائرة التي انفجرت للتو، دليل على ركوب يسبقه. الأمر ليس دربًا من الخيال لو أعملت المنطق في الواقع، ستدرك إني أحاول إنقاذك؛ منذ فترة ليست بعيدة لم تكن مثلي تتخيل أن فيروس ما يمكنه أن يقتل الملايين ويحبس آلافًا ويعطل الحياة، أو أن جارتكم الدكتورة"مروة" ستموت مقتولة على يد زوجها بعد فرحهما بيومين. أو أن صديقك يمكن أن يضربك على رأسك ويلقيك في الترعة ليتهرب من سداد دينه لك، أو أن "محمد الميكانيكي " أحرق أخته "وداد" حية طمعًا في الميراث، أو أن زوجة خالك اختطفت ابنة عمك الصغيرة بنت الثلاث سنوات ثم قتلتها لتسرق حلق ذهبي صغير بــ500 جنية!، أو أن عربة نصف نقل محملة بأطفال مساكين يعملون بمزرعة، ستسقط في النيل ليصارعون موتًا لم يرشدهم أحد كيف ينجون منه؟ الآن دعني ألخص لك"دليل السقوط الآمن" أنت الآن تسقط من طائرة على ارتفاع 3000 قدم، تعتقد أنك حتمًا ستموت، تنطق الشهادة ويمر شريط حياتك سريعًا. تتخيل ردة فعل زوجتك حينما تعرف أنك متزوج عليها، أو ابنك الأكبر وهو يفتح الكمبيوتر الخاص بك فيقرأ بالصدفة تفاصيل الشات الساخنة بينك وبين مدام لولو الدلوعة، قبل أن يكتب على صفحتك بالفيس بوك "ادعوا لأبي إنه الآن يسقط"! تفكر كيف ستستغل الأرشانة حماتك الفرصة، لتسمي مولودتك التي توشك على القدوم للدنيا خلال أيام"فِجلة"على اسم جدتها الكبيرة؛ ليظهر اسمك في يافطة صوان العزاء"عزاء المغفور له أبو فجلة السُكرة". هذه الأسباب كلها أدعى أن تفكر في نجاتك فلنعد للطائرة التي انفجرت لكنك لم تزل حيًا مُقيدًا في مقعدك المعلق في الهواء..ربما تموت بجلطة، بسكتة قلبية، بخضة لا تتوفر طاستها قبل أن تصل للأرض التي لا نعلم ماذا ينتظرك فيها؛ فروع شجرة تخترق جسدك أو سقف خرسانة يفشفش عظامك، أو مياة بحر غير قابلة للانضغاط تلسعك ككرباج، أوثلج في عز الشتاء أو أكوام من التبن وروث الحيوانات كلها احتمالات لا تنفي فرصة وصول عربة الإسعاف بوقت مناسب وتوفر فصيلة دمك في المستشفى القريب للحادث. عزيزي الراكب: عليك إدراك كيف يعمل جسدك الآن، فقوة ثقله تشدك نحو الأسفل، ومقاومة الهواء تدفعك لأعلى وهذا يخلق ما يسمى"مقاومة السحب"-كلما زادت سرعة سقوط جسمك، زادت مقاومة الهواء له وسحبك للأعلى فتبطىء سرعتك- حاول الانفصال عن واقعك المؤلم؛ جسدك يسقط لكن عقلك لم يسقط بعد، فكر لو أنك هذا الشاب الصعيدي الفقير الهارب"تسطيحًا"من ثمن التذكرة فوق قطار يصل كعادته متأخرًا؛ سطَّح بسرعة، افرد ذراعيك وقدميك في الهواء لتزيد دفع الهواء لجسدك وبالتالي تقل سرعة سقوطك.. لا يهم إن كنت تسقط من ارتفاع 5000 قدم أو 2500 قدم فالجسم يصل لسرعته النهائية عند 1880 قدم؛ قلبك وحده سيظل محتفظًا بسرعته في السقوط و ربما يسبقك متحطمًا على الأرض. قد تفقد وعيك أثناء السقوط نتيجة نقص الأكسجين، فترقد روحك في سلام وترتاح ونرتاح جميعًا من همك. في اللحظة التي سيحدثك فيها عقلك بأمنيات غريبة، وذكريات بائسة، ترن في أذنيك إجابتك على"أبله عفاف" حينما سألتك:" نفسك تطلع ايه؟" فأجبتها مستعرضًا ثقل دمك:" عايز أطلع قِرد مِسلسِل"؛ ستتمنى لو كنت قردًا بالفعل..تسقط هانئًا دون أن يعكر صفو سقوطك افتقاد عائلتك ومستقبل أولادك، ومخاوف ذنوب مؤكدة وصراعات توبة مؤجلة، وفضائح تتمنى لو سقطت عنك! اسقط بسلام يا عزيزي، فحتى القرود لم تكن لتنجو؛ ستتقاتل حتى الموت داخل الطائرة من أجل صباع موز، بينما تهبط الطائرة على أرض الوطن خالية من الحياة! دعك من هذا الهبد وركز معي..الآن وقد اقتربت لحظة ارتطامك بأرض الواقع، غطي وجهك وضم أطرافك على أشيائك الحساسة، وتمنى معي أن تسقط ببطء على قيد الحياة وأنت بكامل عقلك.

 

أخبار اخرى فى القسم