الجمعة 29 مارس 2024 - 08:40 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية تقارير الدكتور حسام عقل :رواية "جدارية العاج" تؤكد علي استمرارية تميز السرد الروائي السوداني

 

 ناقشها ملتقي السرد العربي
 

الدكتور حسام عقل :رواية "جدارية العاج" تؤكد علي استمرارية تميز السرد الروائي السوداني

  الاثنين 27 يونيو 2022 01:44 مساءً    الكاتب : سيد يونس




في ندوة انسمت بالحميمية بين الأشقاء من السودان عقد ملتقي السرد العربي برئاسة الناقد الاستاذ الدكتور  حسام عقل  ضمن سلسلة ندواته التي يحمل فيها الملتقي الاهتمام بما هو جيد في الإبداع المصري والعربي حيث احتفي الملتقي بالروائية السودانية فدوي سعد ومناقشة روايتها  "جدارية العاج" الندوة شارك بالدراسات فيها كل من الدكتور حسام عقل، الناقد والروائي زكريا صبح، الطبيب الأديب الدكتور أمير الشبل والشاعر يحي سلامة وادارتها الروائية عزه عز الدين والتي اجرت جوار مع الروائية السودانية حول مشوارها الإبداعي الندوة أقيمت بهيئة خريجي الجامعات والتي تتراسها المبدعة حنان منصور الدكتور حسام عقل عرج في بداية حديثة الي الإبداع السوداني وكيف ان التجربة السردية السودانية تجربة متميزة علي مستوي الوطن العربي  مشيرا الي ان  رواية فدوي سعد هي امتداد واستكمالا لهذا الزخم الإبداعي السوداني في القصة والرواية الناقد  الدكتور حسام عقل الي ان   الرواية السودانية بدأت  عنده مع اكتشاف أعمال الدكتور عمر فضل الله مشيرا الي الرواية السودانية اجتازت مراحل جذرية علي الصعيد العمل الروائي . ومقدرة الأدب السوداني علي اجتياز تلك المراحل وأشار الي دراسة الدكتورة هبه الدسوقي حول الأدب السوداني ارتكز علي شتات المنافي وازمة الهامش وقال إن رواية جدارية العاج تثبت قدرة الأدب السوداني علي اجتياز تلك المراحل مشيرا الي ان أزمة السرد الروائي الحالي هو الاغتراب فالاغتراب بتعدي حيز المكان بل قد تكون بين اهلك وتشعر بينهم بالاغتراب فالاغتراب الداخلي أصعب انواع الاغترابات وقال عقل: ان فدوي سعد اعتمدت علي مايسمي البلوفنية  في طريقة السرد اي تعدد الأصوات فقد تعدد الرواة في العمل الي درجة الأرباك، وهي استخدمت أيضا  الرومانسية في أحداث رواياتها في زمن لايوجد فيه رومانتكيه وواضح  الدكتور حسام عقل انه من الجميل استخدامها اللهحة الدارجة وتلك ميزة في كثير من الأعمال ويتطلب فهم سياقها  وربما فوز الروائي الليبي   محمد النعاس بجائزة البوكر عن روايته  (خبز على طاولة الخال ميلاد ) احد الاسباب   هو انطلاقه من لهجته المحلية   و كان يجب علي فدوي سعد ان تضمن تلك الجمل المحلية ان كانت سودانية او إفريقية في هوامش الرواية وأضاف ان رواية فدوي سعد رواية تستحق ان تقدم بها الي  الجوائز الكبري فهي رواية تاخذك الي فضاءات وحيوات أبطالها في بلدان مختلفة سواء في الغربة او الداخل او البلدان الإفريقية  وحول سؤال عن عدم مواكبة الشعر السوداني الزخم الإبداعي الروائي قال الدكتور حسام عقل ان هناك إبداع شعري كبير في السودان وله مكانته لكن الازمة هو في الدور النقدي والاعلامي ليس في السودان فقط إنما في البلدان العربية وهناك تقدم كبير في المشهد الإبداعي في كل بلادنا العربية فالخليج لديه طفره علي كافة المسارات في الإبداع وأكد الدكتور حسام عقل ان رواية جدارية العاج الكاتبة السودانية كانت مفاحئة له وبأن إقامة ملتقي السرد العربي لندوة تناقش هذه الرواية هو بمثابة ليلة سودانية مصرية أدخلت البهجة علينا وللملتقي وصف الروائي والناقد زكريا صبح جدارية العاج انها رواية الاصوات المختلفة ، الطريقة التى اختارتها الكاتبة لسرد حكايتها ،  استحضرت كل شخصية لتخبرنا بجانب من الحكاية ، وتلك لعمرى طريقة بديعة فى عرض المتن الحكائى ، وهل هناك افضل من ان تحدثنا كل شخصية عن دورها فى الرواية ؟ ولقد نجحت الكاتبة نجاحا كبيرا فى ذلك اذ استحضار الشخصيات الى المسرح ليس امرا سهلا ، وكذلك قدرة الكاتبة على تقمص تلك الشخصيات كى تكتب بهذا الصدق ما تبوح به شخصياتها فى السر ، الراوى المشارك المنغمس فى قلب الحدث هو الراوى الذى اختارته الكاتبة لروايتها ، فأعطى زخما من الصدق والحيوية والحميمية ، رواية وقعت فى ما يقرب  واحد وعشرين فصلا او مقطعا معنونا ، وقسمت بعض تلك الفصول الى اجزاء صغيرة مرقمة من واحد الى اربعة او الى ثلاثة او الى اثنين واحيانا بلا ارقام كما جاء فى مقاطع الرسائل ، وعلى ذكر الرسائل فقد لعبت دورا مهما فى هذه الرواية واحيانا دورا مفصليا عندما اخفى المعز والهادى رسالة رضوان الى طل كانهما استمعا لقلبه القلق وروحه التى ندمت على كتابة تلك الرسالة فساقهما القدر كى يحول بهما وبين وصولها الى طل ، لعبة جيدة تلعبها الكاتبة مع القارئ كى تفلته من الرتابة والملل ، ولعبة اخرى اتبعتها الكاتبة عبر اجادتها استخدام الفلاش باك او تقنية الاسترجاع التى نقلت لنا من خلالها احداثا مضت وعلمنا بها من خلال تذكر شخصيات العمل لما كان ، مثل تذكر  الندى الطيب ماكان من زوجها طيلة خمس سنوات عذبة ورقراقة ، ارتشفت فيها الحب والحنو والسعادة قبل ان يغادرها   سفرا ثم موتا الى الابد ليس من قبيل المصادفة اختيار الاسماء هنا ، طل التاج ، البطلة التى راهنت على محبتكم لها ، هى قطرات الندى التى تصيب جفاف القلوب فينتعش ويزهر ويخضر ثم يثمر ثمار التعلق والعشق ، طل التى اذابت قلب اخوين معا ،  وذابت فيهما واحدا تلو الاخر ، طل التى اخلصت لمنير الذى اضاء حياة طل بعد ان انار حياة اسرته ، كان مصباحا فى بيت ابيه الذى تركهم صغار فتكفل هو بالنور الذى اضاء لهم الطريق ، وبعد وفاة المنير اخلصت للرضوان ، الذى رضى كل الرضا بعد ان كان ساخطا كل السخط ، رضوان الذى عاشت فى جنته ، واظن انها لم تزل مقيمة بها ، اما الندى الطيب ،فهى الام الحنون التى سقت اولادها ندى الحب والرعاية حتى اصبح صغيرها طبيبا فيما مات رجلها بعد زوجها منهمكا فى عمله كرجل يحمل مسئولية اسرته ، الندى هى فلا تجف محبتها ابدا ، حتى بعد موت زوجها الذى هجرها لاخرى ونسى بيته الثانى الذى اختاره بارادته ، لم تنس الندى صنيعه الجميل عندما اوصى بكل ما يملك لها فأبت ان تستأثر به لنفسها ووزعته بالقسط بين جميع ابنائه ، فيما حرمت غريمتها من الارث جزاء ما حرمتها ضرتها من زوجها ، واسوق لكم مثالا اخر لجمال اختيار الاسماء ومراعتها لسلوك الشخصيات ، المعز النعيم شمس الخير انظروا الى الاسم لتعرفوا ان اليتم الذى يورث الذل انجب المعز ، وان اليتم الذى يقترن بالحاجة اورث النعيم ، وان اليتيم السوى هو الذى يصبح شمسا لغيره ويفعل الخير و يترك الخير ميراثا وفيرا لاهله جدارية فدوى سعد جدارية تتعانق فيها كل كائنات الكون ، بل تتعانق فيها الارواح الهائمة فى سماء الكون ،  جدارية كتبت بذكاء وفطنة لنتأملها على مهل ونفك شفراتها فى تمهل ،  سودان وحيد القرن الذى عاش قليلا فى السودان ثم انتقل الى محمية او بتيجا فى كينيا ليس حيوانا عاديا ، بل هو اخر ما تبقى من ذكور جنسه ، على جسده قرأ المعز التاريخ والخفرافيا ، وعبر الاحلام انتبه المعز لتحذيراته من المستقبل ، اما الشاعر يحي سلامة فقد قال في دراستة في روابتها الرائعة (جدارية العاج) قدمت الاديبة فدوي سعد نسيجا مترابطا من السرد المتنوع (الراوي الواحد والرواة المتنوعين) وهو نموذج جيد لطريقة السرد تمتع بالحيوية والتدفق ولم يصيب القارئ بالملل وهذا يحسب لها كما يحسب لها أيضا وبانصاف اجادتها لرسم الشخصيات وابراز دوافعها وازماتها النفسية بدءا من ابطال الرواية (المعز وطل ورضوان) وصولا الي الشخصيات الثانوية في الرواية (مجدي الهادي الواثق ام مجدي والخضر والد الهادي وندي ام رضوان) وقد وازنت الكاتبة بين شخصيات الرواية حسب اهميتهم وادوارهم الرئيسية المحركة للاحداث. وبالرغم ان الرواية دارت في مسارين مسار (المعز وحياته وانكساراته ونجاحاته) ومسار (رضوان وطل وحياتهما وانكساراتهما ونجاحاهما) والتقاء هذين المسارين قرب نهاية الرواية ورغم تعدد اماكن احداث الرواية التي جرت بين (السودان وكينيا واستراليا) الا اني استطيع القول باطمئنان ان الكاتبة اعتمدت علي تيمة اليتم بمعناه الشامل سواء (اليتم بفقد الأب) او اليتم (بغياب الأب) او حتي اليتم (بحضور الأب) والبحث عن الأب البديل ومن يحل محل الأب. وهذا ماتكشفه الرواية نفسها في جميع مساراتها 1المعز لم يري أباه لأن والده قد مات قبل ولادته فهو نموذج لليتيم بفقد الأب بالموت وخاله الشفيع هو الذي تولي تربيته ورعايته حتي انه كان يناديه أبي فالخال هنا هو (الأب البديل) وعلاقة المعز بخاله كانت علاقة متسقة ليس فيها أزمات بل علي العكس تماما قام الشفيع بدور الأب البديل وتقبل المعز هذا الدور بصدر رحب ولم يكن لديه ازمة في علاقته بخاله في مختلف مراحل عمره حتي بعد ان انهي دراسته وتزوج واصبح ابا لبنتين في المقابل كان رضوان الذي لم يري اباه هو الأخر ولكن ليس كالمعز فوالد رضوان لم يموت ولكنه هجر امه واخاه الاكبر ورضوان مازال جنينا في بطن أمه عائدا لزوجته الأولي ليقوم (منير) الشقيق الأكبر لرضوان بدور الأب البديل له فكان منير هو المسئول عن شقيقه الاصغر حتي تخرجه من الجامعة ولكن بعد وفاة منير المفاجئة (ليلة زواجه) نكتشف ان رضوان لم يكن مرتاحا لهذه الأبوة البديلة التي قدمها له اخوه ويصرح ان امه نفسها كانت تختص منير بالدعاء له وحده وحتي الجيران لايسالوه عن حاله بل يسألوه عن اخيه منير وان شخصيته وكينونته قد تلاشت لحساب اخيه الأكبر وهو لم يري في اخيه صورة الاب او المضحي لاجل شقيقه الاصغر بل رأي أن مافعله منير معه كان ارضاءا لنفسه وانه يري نجاحه في نجاح أخيه الأصغر. (وهنا تدعو الكاتبة للقيام بعصف ذهني واستحضار التجارب الخاصة بنا او بالاخرين للمقارنة بين الخال والشقيق الأكبر وقيامهما بدور الأب البديل) اما الأديب الطبيب أمير شبل فقد قال قرأت .. واستمتعت.. (8) رواية "جدارية العاج".. للأديبة والشاعرة والروائية السودانية.. بنت النيل : " . فدوى سعد"معبرا عن انه لم يصدق أن هذه الرواية الطويلة هي أول عمل أدبي لها.. ولن أصدق.. تلاعبت الكاتبة "بمهارة خاصة" بالرواة المتعددين بالرواية.، كما تلاعبت بي كقاريء حتى أجبرتني أن أعيد قراءة بعض الفقرات لأتحسس طريقي بين الأحداث، ولأتيقن أين أنا.، ومع من.! رواية بَسَطتها الكاتبة بعدد ليس بكثير من الشخوص مع البطلين "رضوان" و"طل".. وما أجمل أسمها.. (فدموع الفرح هي "طل" المآقي). ولكنها امتلأت بفيض مغدق من السرد كموضوع تعبير.. أكاد أن أشم له رائحة، والدقيق من الوصف كلوحة مرسومة نقلا عن صورة.. أكاد أن ألمس ألوانها وخطوطها.. رواية احتوت بين طياتها الكثير من الأحداث التي تم توظيفها دراميا بمهارة.. تدور في عدة أماكن وبلاد تم وصفها جيدا.. وفي مجتمع تم تعظيم أخلاقياته وعاداته التكافلية.. بافتخار، وإعلاء قدر نماذجه البشرية.. باقتدار. رواية تناولت أحداثها المتتابعة عبر سنوات طويلة وأماكن متفرقة.. *أثار اليتم في النفوس، والتأثير الساحر للحب الفطري والعطاء والحنان في شفاء وتغيير كل النفوس المريضة.، *ضعف الفرد عندما يكون وحيدا، وقوته وما يستطيع أن يفعله عندما تصبح اليد مع اليد.، *تأمين استقرار الحياة بتواجد صاحب الحكمة عندما تفتقر إليه، وصاحب الخبرة والعلم عندما تحتاجه، وأصحاب الهمم والوطنية عندما يناديهم الواجب.. والرفيق قبل الطريق. رواية حولت بها الكاتبة أفكارها إلى جمل وعبارات سردية مميزة، وأحداث درامية متسلسلة، وحوارات انسانية لنقرأها فنتعرف بها عليها.. من خلال اسلوبها الأدبي المميز، وطرحها الفلسفي الجديد.. ومنها:.. * ماذا يفعل الأب إذا لم يتوف؟ ما يفعله الخال.، *ترتيب المشاعر.. هل لأنه يتيم.. لا لأنه.. صديق.، *تصنيف العلاقات والمشاعر تبعا لأنواع العناق.، *وصف جديد للحبيبة:.. فهذه "الطل" تجتاح كل الدواخل وتحتل المشاعر.، *وللحبيب:.. كان قلبي على الفطرة، وكان هو أول الساكنين.، *العلاقة الحميمية للإنسان بالأرض (الأرض هي مرجعية الأشياء.. والطبيعة تعشق الاختلاف والتنوع، التصاقنا بها يؤدي لأسمى غايات الحب والهدوء.. انه يقين الولاء للطبيعة والارض.، *أحاديث النبات.. فالاشجار تحب من يحادثها، الخضروات تحب القفشات.، الموالح تحب الأشعار.، النخيل تنام تحته وتتركه يحادث احلامك.، *أسماء اللوحات الحزينة.. (حنان مفقود.، عطر برائحة الحنوط.، طل يسقط حيث لا أرض).، *مقارنة مبدعة بين الأم وزوجة الأب.، *الابن لأبيه (إياك ان تحملني ماضيك).،.. *"سودان" كان أخر وحيد قرن من الذكور وقد نفق، وابنته وحفيدته "فاتوا وناجين" يعيشان فى محمية اوبتيجا فى كينيا.، *العلاقة بين الأحباب والأصدقاء تستمر رغم انتقال بعضهم للعالم الآخر. تجنبت الكاتبة الخوض في السياسة، فلم تتطرق لتفاصيل الثورة في السودان وأطرافها.. ولكنها أكدت أن الثورة جمعت الأيادي وألفت القلوب، وشحذت الهمم، وجذبت الطيور السودانية المهاجرة.. وصهرت الجميع في بوتقة اسمها الثورة السودانية المجيدة... والكلام يطول ولكن. بنت النيل "أ. فدوى سعد".. (الأديبة السودانية) التي كنا نتوقعها حديثة العهد بالأدب.. ولكن واعدة.، أبهرتنا "بكبرها وثقافتها وامكانياتها" .. لقد حجزت مكانا لجداريتها قبل وصولها للقاهرة.. والأمس ثبتناها عن قناعة بأيدينا في قلب القاهرة الأدبي.. ولكنها لم تكتف.. بل حجزت أيضا حيزا وافرا من الاحترام والتقدير لها ولأدبها الراقي.. إنها رواية.. أقل ما يقال عليها أنها جمعت بتمكن بين السرد والوصف والحوار والأحداث.. بامتياز. فهنيئا للقاريء.. هذه الرواية الرائعة "جدارية العاج" للأديبة والشاعرة والروائية السودانية فدوى سعد"على إبداعها المتأنق..

 

أخبار اخرى فى القسم