الخميس 28 مارس 2024 - 07:56 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية تقارير نيرمين عيد.. تكتب عن: الخبرة الدينية و الواقع الاد

 

 
 

نيرمين عيد.. تكتب عن: الخبرة الدينية و الواقع الاد

  الاثنين 26 يوليو 2021 12:39 مساءً   




الثقافة العربية الاسلامية في أشد الحاجه الي إعادة التفكير في المباديْ الأخلاقية التي يحكمها توجهان غالبا توجهان أساسيان متقابلان، توجه يري إندماج السياسي و الديني اندماجا كاملا، ويجد تعبيره في مختلف التيارات الاسلامية السياسية المعاصرة، وفي المقابل هناك تيار علماني رفع العلمانية إلي درجة العقيدة الأيديولوجية، نافيا أن تكون إجراء قانونيا منظما لعلاقة الدين بالسياسة ، ولقد قام هذان التياران بإستبعاد منهجي منظم للرأي القائل بأن الاسلام في نصوصة الأصلية ، وفي فضاء التيار الأغلبي العمومي الذي يمثله يعرض خلاصا أرضيا مباشرقائما علي العدل والمصلحة في سياق رؤية حضارية وقيم إنسانية رحيمة ( ) ومن ثم تعيد الثقافة المعاصرة رؤية الدين والتدين بعقلانية نقدية وفي الوقت نفسه باعتباره خلاصا متاحا عبرقراءة العلاقات المتواشجة والمتداخلة بين السلطة الدينية والتدين الشعبي ، بل تعيد قراءة طرفي النقيض: الأصولية والتصوف، فالأصولية تقع في هيمنة طغيانية للفقة القديم بكل فقواه التكفيرية المعروفة وامتثاليته الدوغمائية للحروفية، كما في التدين السلفي الأصولي ، بينما يخرج التصوف خارج الحدود رغم باطنيته القرأنية، فالصوفيون يكرهون الحدود وينفرون من القيود، والتصوف ليس مذهب يجمع الذاهدون فيه علي رأي واحد في الفكر وخطة واحدة في الفعل ،بل الطريق الي الله كعدد أنفس أدم، ورغم تعدد الطرق والمذاهب إلاأنها تتفق في القواعد العامة للتصوففنصه"محاسيب السيدة "1953 يتمحور حول مفهوم الإتكالية من خلال ثلاث شخصيات تصطف جنبا بجنب وقد تم تصويرهم إلي منطقة الصدر فقط رافعين أذرعتهم اليمني بزاوية قائمة حادة باتجاه واحد ثم ترد اليد اليسري بالاتجاه المعاكس، وتحمل كل يد من أزرع الشخصيات الثلاث ما يعكس مدلولها النفسي والاجتماعي ، وإذا ما تتبعنا حركة الأذرع سنكتشف حركة متصلة لا تنتهي تمتد من الأذرع والأكف الممدودة الخاوية إلي أذرع وأكف وهكذا، كما تعكس الدلالات السيكولوجية للشخصيات، إن إلغاء البعد الزمكاني للفضاء النصي وتقريب المشهد بما يقارب عدسة الكاميرا "كلوز آب"ما هو إلا تقنية فنية للاقتراب من البعد النفسي الدلالي لتلك الشخصيات التي أطلق عليهم الفنان "محاسيب السيدة" ليولجنا كمتلقين للدخول إلي عالم الأضرحة وشفاعة الأولياء خاصتا أولياء أهل البيت وما لهم من كرامة ومعزه في نفوس كافة المسلمين علي إختلاف مذاهبهم سنية أم شيعية، إذ يمثل مقام السيدة زينب( )بحي السيدة زينب بالقاهرة قبله للعاشقين والمريدين ومن ثم ستخيم فكرة الشفاعة وشفاعةالأولياء خاصتا كمفهوم عام للنص البصري في حين تحيلنا كل شخصية إلي وضعية دلالاية خاصة . فستحيلنا الشخصية الثالثة الموجودة علي يسار اللوحة التي تبدأ من عندها حركة الأزرع ، تلك المرأة التي تمسك بيدها باقة من الزهور بينما فقعت عينها اليسري من خلال السلك الشائك الممتد ليصل إلي السحلية السوداء ، والشخصية الثانية صورة المجذوب/المجذوبة، فغالبا ما يتم إعتبار تلف عضو جسدي بمثابه فتح لإكتساب رؤية الامرئي و المعرفة الكبري، وخاصتا العين التي يتضافر فقدانها مع رؤية عرفانية، فالمجذوب هومن جذب بواسطة الله، وهي حاله تفقد فيها الأشياء الدنيوية كل سيطرة وتدرك الحقائق فيها في عالم آخر، فالمجذوب عند الصوفية هوحال من أحوال النفس يغيب فيها القلب عن علم بما يجري من أحوال الخلق، ويتصل فيها بالعالم العلوي . فالمجذوب ( )هو الذي تمادي بالممارسات الدينية مما يجعله مقيما بشكل دائم في حاله جذب وغالبا ما يتصفون علي المستوي الثقافي بالطيبة وبأنهم فقراء الله وهذا ما تردد علي المستوي الفني في اختيار"الجزار" اللون الأبيض لوجه المرأة وأكفها والتي تقاربت مع لون الورود البيضاء كدلاله علي النقاء والصفاء وطهارة القلب . أن هذه السلبية التامة تتخطي مرحلة الطفولة نفسها، فالطفل بقدر ما يحتمي بوالدية فهو أيضا يحاول التقليد والتعلم، فلا نجد هنا آي بادرة لإدراك الايمان الحقيقي الفعال الذي أوصل أولئك الأولياء ذاتهم لهذه المكانة الرفيعة في الاوعي الجمعي . وهذا تحديدا ما أوصل "الجزار" إلي الانتقال لمرحلة المستقبل والفضاء ، حاله فنية تستشرف المستقبل، فبعد رحلته الماضوية الميتافيزيقية يتجه صوب النقيض كإشارة فنية فلسفية إلي ضرورة النهوض من حالة الاستسلام والخنوع إلي المضي قدما لتجاوز مرحلة الطفوله لمرحله نضج فكري تعلو فيها قيم العلم والعقلانية وهي قيم الحداثة بإمتياز. نور السيدة بين البصر والبصيرة إذا كان نص"الجزار"محاسيب السيدة لايري إلا الوجه السلبي للخبرة الدينية ويقف عند حدود كشف البني التحتية الاواعية لتلك الخبرة فإن نص رواية" قنديل أم هاشم"للروائي يحي حقي ( ) التيتم كتابتها في الاربعينيات( )لتتزامن مع إبداعات عبد الهادي للموثولوجيا الشعبية ينحو إلي تجسيد أزمة الحداثة العربية ، إذ تم قبول الحداثة الغربية دونما الأساس الفكري لها ، ومن ثم أوجد الفكر العربي مخرجا لأزمة الحداثة من خلال الإحتماء بالتراث الذي أضحي شرطا لقبول الفكر الحداثي، فإقترب بالتراث ولكنه التراث العقلاني لذا تمثل "قنديل أم هاشم" الصراع المأزوم بين العلم بآلياته العقلانية، الفكروالعلمنه، وبين الموروث والتراث بما يحمله من ممارسات ماضوية غيبية في محاوله للتوفيق والجمع بين العلم والتراث معاً, وسيحمل النص بين طياته الكثير من الانتقادات لحالة الإزدواجية التي يعيشها المجتمع العربي ومن بينها شخصية" درديري خادم ضريح أم هاشم" الذي يمثل تبعا لموقعه الديني نموذج للطهارة والنقاء التي يجب أن تتجسد في مظهره ومخبره , ولكنه علي العكس يعيش حياة مليئة بكافة الملذات من العربدة والسكر والحشيش ويتنافي مظهره المتسخ القذر مع مفهوم الطهارة والنظافة التي تؤكد عليها السنة النبوية , تلك الشخصية هي ما نجدها متجسدة في لوحات عبد الهادي الجزار . فمثل نص" محاسيب السيدة للجزار" رؤية التقاليد "الادينية "السلبية للتراث عبر مفهوم الولاية من خلال أليات: الشفاعة ، التبرك ، النذور، فجسدها برمزية بصرية في "الطبق الفارغ ، اليمامة البيضاء، الورود"، ووظف يحيي حقي" القنديل وزيته " كرمز للتعبير عن الموروث الشعبي الديني المتجسد في فكرة بركات الولي سواء بوصف نور القنديل أو بوصف قدرة الزيت علي شفاء العيون ومن ثم يتحاور النص عبر مفاهيم البصر والبصيرة ، العمي والعماء وما بينهما من تناقض والتباس ، فما بين عمي بطله الرواية/فاطمة /رمز البيئة الشعبية المصرية التي تحيا في الجهل والخرافة وفي نفس الوقت تمتلك قوة الموروث الايماني، وبين صراع بطل الرواية إسماعيل طبيب العيون الواقع في تأزم ما بين الحداثة بمفهومها العلمي العقلاني والتراث والموروث العربي، إذكان عليه بعد عودته من رحلته العلمية من الغرب أن يحقق النجاح عبر العلم وحده كما يفهم من الحداثة الغربية ، فيرفض التبرك بالزيت ويثور علي تلك المفاهيم وسيفشل عبر الأدوية الطبية في أستعادة بصرها بعدما تمرد علي الموروث الديني وقيامه بتحطيم زجاجة زيت القنديل، ليشتد الصراع ليصل للبصيرة العلمية الايمانية معاً، إذ سيجد في زيت القنديل (الاعتقاد في كرامات الأولياء) علاج نفسي لعيون فاطمة إبنة عمة التي رمزبها إلي مصر كلها, والتي أنتظرته تلك السنوات بكل حب لكي ينقذها من العمي في إشارة إلي تطلع الأمة لمثقفيها لإخراجها من الجهل والتخلف إلي أنوار الفكر والأخذ بالسبل العلمية, لنتذكر مقولة أستاذة الأوربي " إن بلادك في حاجة إليك، فهي بلد العميان"فهي أشارة لوجهة النظر الغربية لتخلف الشرق عبرالتمسك الأعمي بالموروث دون تمحيص وتتدقيق . وسيجد بعد الصراع المتتد في النقد الحداثي للموروث الديني ما يؤيد العلمية، يقول المفكرالمصري "نصرحامدأبو زيد" أنه حين يذكر النور في القرآن الكريم فإنه يراد به العلم مقابل الجهل الذي هو قرين للظلمة، "يخرجهم من الظلمات إلي النور"، ومن ثم فإن النور و هو من صفات الله عز وجل هو أيضا من مسميات العقل الانساني يقول يحيي حقي" كل نور يفيد اصطدامًا بين ظلام يجثم، وضوء يدافع، إلا هذا القنديل بغير صراع" لذا يجد النص في تمسكه نفسياًً بالخبرة الدينية المأخوذة من الموروثات قوة تفعيلية للأنوار الحداثية , فقدم طرحا بدأة بالصراع وإنتهي بالمزاوجة بين الأنوار الحداثية للعلم وبين النور الايماني للموروث الديني .فهو ليس رفضا تاماً ولا قبولا متناهيا بلا مراجعات فكرية , إنها خطوة للمزاوجة بين العقلانية الغربية البحتة بآلياتها العلمية و النور الإيماني المتجذر داخل الروح الشرقية , ومن ثم يمثل نص "قنديل أم هاشم "خطوة أولي نحو التحرر العقلي والفكري للمجتمع العربي في حين وصل "الجزار "بنصوصه البصرية في مرحلته المسماة "المستقبل والفضاء "خطوة أبعدنحو إستشراف المستقبل بأسس علمية بحته بعيداًً عن تخوم الغيبي والغرائبي. - الزواوي بغوره ، مابعد الحداثة والدين ، مجلة ثقافات ، 2011 - نصرحامد أبوزيد: ولد في إحدى قرى طنطا في (1943-2010)، ونشأ في أسرة ريفية بسيطة، في البداية لم يحصل على شهادة الثانوية العامة التوجيهية ليستطيع استكمال دراسته الجامعية، لأن أسرته لم تكن لتستطيع أن تنفق عليه في الجامعة، لهذا اكتفى في البداية بالحصول على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية قسم اللاسلكي عام 1960،حصل علي الليسانس من كلية الآداب 1972بتقدير ممتاز، ثم ماجستير في الدراسات الإسلامية عام 1976 وأيضا بتقدير ممتاز، ثم دكتوراه الدراسات الإسلامية عام 1979 بتقدير مرتبة الشرف الأولى. وعندما قدم أبحاثه للحصول على درجة أستاذ تكونت لجنة من أساتذة جامعة القاهرة بينهم د.عبد الصبور شاهين الذي اتهم في تقريره د.نصر"بالكفر"، وحدثت القضية المعروفة التي انتهت بترك نصر الوطن إلى المنفي منذ عام 1995 بعد أن حصل على درجة أستاذ، وعمل أستاذا بجامعات هولندا، وتوفي بالقاهرة بعد رحلة مفاجئة للمرض وهوفي أندونسيا وتم دفنه في مقابر أسرته، ومن أشهرمؤلفاته: اشكاليات القراءة واليات التأويل ، نقد الخطاب الديني . - عبدالهادي الجزار: (1925- 1966) ولد بالسكندرية بحي القباري ثم انتقل إلي حي السيدة زينب بالقاهرة ، تلقي دروسه الفنية الأولي علي يد المفكر حسين يوسف أمين بمدرسة الحلمية الثانوية والتحق بكلية الفنون عام 1944، وهو أحد أعضاء جماعة الفن المعاصر (التي ضمت الفنانين : حامد ندا ، ماهر رائف ، سمير رافع ، ابراهيم مسعود ، كمال يوسف ، حسيت يوسف أمين )ولقد اتخذت الجماعة شعار الفن والمجتمع كرؤية مناهضة للفن الناعم المهادن الذي يتلائم مع الطبقة الراقية ، وباعتباره لا يعبر عن الواقع والتراث ، ومن ثم زاوجوا بين الفكر والفن و نبذوا المفاهيم الفنية التقليدية ، وربطوا الفن بالحياة و الفكر ، وعمل بالتدريس بكلية الفنون حتي وصل لدرجة أستاذ مساعد ، سافر لإيطاليا في منحة دراسية عام 1954، ثم في بعثته حكومية لدراسة الفنون من( 1957: 1961) ، اشترك في العديد من المعارض المحلية و العالمية ، وأقام أربعة معارض خاصة ، حصل علي العديد من الجوائز كان أخرها جائزة الدولة التشجيعية في التصوير 1965. -العلمانية : لها عدة وجوه، وجها معرفيا يتمثل في نفي الأسباب الخارجة على الظواهر الطبيعية أو التاريخية ووجها مؤسسيًا يتمثل في اعتبارالمؤسسة الدينية خاصة كالأندية والمحافل، ووجها سياسيا يتمثل في عزل الدين عن السياسة، ووجها أخلاقياً وقيميا يربط الأخلاق بالتاريخ والورع والضمير بدل الالزام الرهيب بعقاب الآخره ولكل هذه أشكال ومناسبات مع وقائع التاريخ المحيطة. - من المشاهد البعيدة عن روح التصوف الحقيقي ، فبعض الفرق الصوفية لم تكتفي بمجالس الذكر وشعائر العبادة بل إتجهوا إلي المغالاة والغرائبية فيغمدون في أجسادهم القضبان والسكاكين الحاده ،و يبتلعون الثعابين ويمشون علي النار . - السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب و السيدة فاطمة الزهراء بنت النبي الكريم ، وهي من الشخصيات الهامة ولها وضعية خاصة في التشيع والطرق الصوفية بسبب دورها في معركة كربلاء التي قتل فيها أخوها الامام الحسين عليه السلام، و يحتفل الشيعة والطرق الصوفية بميلادها في الخامس من جمادي الاول وتسمي "بالعقيلة" ومعناها المرأة النفيسة و الكريمة ، ولقد إختلف المؤرخون في تحديد سنه وفاتها (62هـ ) و وتحديد مكان دفنها ، هل هو دمشق أم القاهرة. - المجذوب: في التفسير الصوفي يطلق علي أولئك المختلين عقليا الشاردين إلي حد ما عن طريق السلوك الطبيعي، لأنهم تعرضوا لهول صدمة الكشف ،غابوا وغرقوا تماما في الذات الالهية، والمجذوب الدرويش هوالذي تمادي في ممارساته الدينية حتي بات مقيما في حالة الانجذاب بشكل دائم. - تتردد رمزية الورود في عدد من لوحات الجزار كما في لوحة فرح زليخة (1948)والمجنون الأخضر . - يحيي حقي : (1905- 1992) روائي وأديب وناقد من أهم كبار الكتاب المصريين ، تخرج من كلية الحقوق 1925، عمل بالسلك الدبلوماسي المصري،عمل مستشار في دار الكتب و الوثائق القومية، تولي رئاسة تحريرمجله المجلة 1962: 1970، له أربع مجموعات قصصية ومن أهم أعماله: قنديل أم هاشم ،الوسطجي . - تم تحويل الرواية إلي فيلم قنديل أم هاشم : فيلم مصري أنتاج 1968 , إخراج كمال عطية وبطولة : شكري سرحان , سميرة أحمد, أمينة رزق, عبد الوارث عسر .

صور اخرى
 

أخبار اخرى فى القسم