الجمعة 19 أبريل 2024 - 02:05 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية تقارير د. نرمين عيد تكتب عن :الجلوس على ممر الذكريات ما بين شريط بيكيت و فيديو شادي

 

 
 

د. نرمين عيد تكتب عن :الجلوس على ممر الذكريات ما بين شريط بيكيت و فيديو شادي

  الاثنين 30 أغسطس 2021 06:40 مساءً   




يمثل النسيان أحد أماكن الصمت الرمزية فهو حضور العدم/ الفراغ، ضياع الحقيقة، ونهاية الفرد وإلغاء الشخصية، نهاية تاريخية الأشياء وفقد المعنى. إذ يمحو النسيان أي علاقة ويزيلها ويلعب على تشكيل ثغرات/ فجوات فارغة في مسار الذاكرة, وإن قوام التجربة التفكيرية هو الذاكرة والتذكر وهما نقيضا النسيان والمحو- فالذاكرة تعطف الحاضر على الماضي مرسلة من أعماقها صورًا وأحداثًا تطفو على سطح الوعي فيتصل المنقطع ويعدو البعيد أقرب إلينا من الحاضر القريب، وتتلاعب الذاكرة بالتشويش والاستبدال تارة وبالكشف والإيضاح تارة أخرى فقد يقوم الوعي بالتشويش على أحداث معينة بهدف طمسها وقد يستبدلها بأشياء تافهة إمعانا في الخفاء، وقد تعني الذاكرة النشاط العقلي المتعلق بالتذكر هنا وفي الوقت الراهن وقد تعبر عن سفر العقل في الزمان وهي ملكة عقلية نمتلكها ولكن في نطاق ضيق ( ) فالزمان ممتد مطلق وهو في طريقه للإمام يمحو بعضا من ماضية ولا يبقى إلا جزء من الذكريات لحضورالماضي الذي ما زال مستمر بيننا على نحوما .ستتخذ ذكرياتنا آليات متعددة بقدر سهولة نسياننا، فبقدر تعاظم النسيان بقدر كثافة الحفظ، فقد نسينا من زمن بعيد" الطقس الذي ينظم بناء منزل حياتنا ، لكن حين ساعة تعرضة للهجوم وتسقط فوقه فعلا قنابل الأعداء كم من آثار عتيقة هالكة تخرج إلى النور كم من أشياء جرى طمرها والتضحية بها وسط تعويذات سحرية. آية خزانة مرعبة من الغرائب تثوي في الأسفل هناك، حيث أعمق الحفر مخصصة لأشد الأشياء اعتيادية" فتستمر ذاكرتنا عبر خطاباتنا القديمة الورقية الموشومة ببصمات أصابعنا والمسكونة بعرق أيدينا وأنفاسنا، وألعاب طفولتنا المسكونة بضحكاتنا البريئه وأحلامنا الكبيرة، وطوابع البريد التي قد تثير فينا ذكريات وأفكار أكثر مما تفعل دستة من الصفحات، وشرائط التسجيل والصور الفوتوغرافية وكاميرا الفيديو و نوته التدوين كلها أشكال مناهضة لمحو الذاكرة. , سواء آلية الصوت أوالصورة , المسموع والمشاهد , طارحه تسأول هل البصر أعلى مرتبة في الإدراك من الأذن؟ بعبارة أخرى، هل القراءة بالأذن أقل شأناً من القراءة بالعين؟. ففي العرض المسرحي" شريط كراب الأخير"لصمويل بيكيت S.Beckett( 1906-1980) تعتمد الذاكرة على شرائط التسجيل الصوتية الخاصة بكراب . وفي عمل الفنان المصري شادي النشوقاتي Shady El Nashokaty شجرة بيت جدتي القديم ،تجهيز في الفراغ- The Tree of my Grandmothers old House Installion in threeroom ، 2001 تعتمد الذاكرة على شرائط الفيديو المصورة والصور الفوتوغرافية , والأدوات الحياتية /الصوامت القديمة التي تعود إلى عهد الجدة .وتختلف آلية شريط التسجيل عن الية الصور الفوتوغرافية و كاميرا الفيديو , فالجسد البشري الذي يتخذ الصوت وسيلة يختلف عن من يستخدم الصورة وسيط ، فشريط التسجيل لا يٌمكنك من قراءة ما يمكن حذفه , ففي شريط التسجيل هناك نوع من الوفرة والإسراف في الكلام إلى درجة يصبح معها صعب أن تصحح نفسك ويصبح الكلام عندها عملاً مليئا بالمخاطر، الصوت عضو مرتبط بمخزون الصور وباستخدام شريط التسجيل نستطيع الحصول علي تعبير خفت عنه الرقابة وحررت من الكبت ، إذ يحتفظ شريط التسجيل بالمباشرة والعفوية وعدم المحو، بينما تسجل الصورة الفوتوغرافية حضوراً أكثر ديمقراطية, فالصورة سجلاً للواقع لا جدال فيه ولا يماثله أي تقرير لغوي مهما كان متجردا، مادامت الآله هي التي تسجل كما أنها شاهد على الواقع، بيان هام عن الواقع يخاطب العين مباشرةً(فالصور ترسل رسائل عبر كل ذكري ماضية، فعندما يتعلق الأمر بالتذكر فإن الصورة لها الأثر الأعمق. فالذاكرة تجمد الصور، ووحدتها الاساسية هي الصورة المنفردة وفي الحقبة المكتظة بالمعلومات توفر الصور أسلوباً سريعاً لفهم شىء ما وشكلاً محدداً لحفظه، فالصور تشبه القول المأثور أوالحكمة، وكل منا يخزن عقلياً مئات الصور القابلة للاستعادة بشكل فوري) فالصورة يمكن أن تعطي إشارات متعددة ولكن عندم يتعلق الأمر بذكرياتنا الشخصية فالأمر يختلف لأنها ستلتصق بأفكارنا ورؤيتنا، والاختلاف سيكون في مشاعرنا الآنية تجاه الحدث الماضي وادراكنا الحاضر لتلك اللحظة الماضية، وستمتلك كاميرا الفيديو ناصية شريط التسجيل الصوتي والصورة الفوتوغرافية معاً، اللحظة الحاضرة الحية المباشرة وفي نفس الوقت أعظم من أي تذكار للماضي الذي تلاشي ورحل، الإمساك بالموت لحظة حدوثه، آلية غير مسبوقة من الملاحظة المٌقربة، اللحظية، الفورية، فكاميرا الفيديو واقعيه، أرشيفية، توثيقية، ذاتية في آن ,فكاميرا الفيديو تحاصرنا في واقعيتها .وفي حدود شرائطنا المسجلة و صورنا الفوتوغرافية وشرائط الفيديو الخاصة بنا تدور ذكرياتنا ونبني إحساسنا بالحاضر و الماضي معا, فكما يقول ساراماجو الذاكرة هي لغتنا الفعلية الحقيقية ،إنها مخزون ثرواتنا ، منجم الذهب ، أو منجم الماس ، ونحتاج إلي أن نبقيه نشطاً ومفتوحاً، للإحتفاظ فيه بأحداث وتجارب الطفولة المهمة التي ستتحكم بطريقة ما في حياتنا وشخصياتنا كبالغين، ما الذي سيحدث للشخص الذي نسي تلك التجارب ، لو لم يكن لدينا ذاكرة، فنحن لاأحد ، ولا شئ يمكن لنا ان نعمله. فمايجمع شريط كراب و شجرة شادي رغم الاختلاف الصارخ سواء فنيا أو نوعيا ناهيك عن الرؤية الفكرية هذا التمثل للذاكرة بتسجيل اللحظة سواء عبر شريط كاسيت أو كاميرا فيديو وصور فوتوغرافية, وكلا النصين يتوسلاً بهذه الأدوات باعتبارهما طبيعة صامته في جوهرهما المادي وفي نفس الوقت حاملين لآثارنا وذكرياتنا الإنسانية , فكلا النصين استخدما التسجيل سواءالبصري أو الصوتي كفعل مقاوم للموت سواء المجازي او الفعلي , الغياب الفعلي في نص شادي بموت الجدة أو الموت المجازي للحياة بنص بيكيت , وكلا النصين استخدما نهج الحكي حكي حدوته شجرة عائلة شادي , وحكي حياة كراب العقيمة بلا عائلة ولا مستقبل . يدور شريط كراب حول : كاتب عجوز يدعى كراب، يستمع إلى شريط مغناطيسي كان سجّله قبل ثلاثين سنة خلت، حينما كان على مشارف الأربعين، قبل أن يشرع في تسجيل حديث آخر، على آلة التسجيل نفسها. ولا يلبث المتفرج أن يكتشف أن ذلك طقس من الطقوس التي دأب عليها كراب في عيد ميلاده، منذ أن كان شابّا، حيث يستعيد الوقوف عند حالته الصحية والنفسية ويسجّل الأحداث الهامة للعام المنقضي، مثلما يكتشف أن الشريط الذي يسجل فيه كراب أقواله قد يكون آخر شريط في حياته، وأن النهاية المحتومة صارت وشيكة, يدور الحدث في شريط كراب في حجرة جرداء متداعية مغلقة، يمكن معاينتها تحت ضوء مصباح خافت بينما يحيط بدائرة الضوء الظلام ولا يوجد فيها إلا طاوله مهترئة وآلة تسجيل وبضعة أشرطة متراصة فوق بعضها سجلت عليها ذكرياته الغابرة من ثلاثين سنه خلت (فضاء مغلق) في حين يمتلئ عمل شادي شجرة جدتي بالموجودات سواء خامات أومجسمات مجهزة وأخري جاهزة الصنع. وهو مقسم بصريا علي ثلاث غرف يدور فيهم النص كاشفا لنا عن عالم تلك العائلة. الغرفة الاولي( القاعة الرئيسية ): وهي تحتوي علي صور فوتوغرافية لمنزل العائلة قبل هدمة بعد موت الجدة , فنتعرف علي غرفة المعيشة , سرير الأم , الراديو والمسبحة الخاصة بالجدة , باب المنزل , صور العائلة , يتزامن مع هذا العرض البصري أصوات مسجلة لحوارات باللغة العامية . الغرفة الثانية : حجرة مغطاة بالكامل بالستائر البيضاء ومضاءة باللون الأبيض القوي ويتوسطها تشكيل مجسم لمقبرة من مقابر مدينة دمياط مصنوع من مادة الصابون القديم ذات لون مائل للون الجسم ومختومة بختم صنع في مصر, في محاكاة( للصابون النابلسي القديم ) ولكنه مخالفاًً له في اللون والختم بدلا من نوع الماركة تم إستبدالها بختم المنشأ الاجتماعي(صنع في مصر) , وفوق شاهد القبر تتوزع وريقات وأغصان الصبار المصنوعة من الفيبر جلاس . الغرفة الثالثة : مجهزة بشكل واقعي فهي تحتوي علي ستائر و أربع كراسي وفي المواجهة الشاشة التي يعرض عليها لقطات الفيديو المسجلة للعائلة . منهجية الحكي والإنصات الشخصية الرئيسية فى شريط كراب هو شريط التسجيل المعادل لحياة كراب الفعلية ، فكراب العجوز الشخصية الوحيدة ، ولقد تم تكثيف جسد كراب بمسح كل اعضائها واحالتها إلى مجرد ذبذبات صوتية ، جسدا بلا أعضاء ، لا يمتلك إلا أذن ، ولا يفعل شيئا سوى الانصات إلى صوته المسجل أما الشخصيات الثانوية فانها ستظهر عبر صوته وذكرياته بشريط التسجيل ، فالغياب هنا ليس الغياب الجسدى لكراب ولكنه غياب الحياة الذى يتساوى مع الموت ، اذ يمثل موت مجازى ، فالعرض يصور ضخامة الحقيقة المادية لفراغ كرابkrapp ولقد تفاقم(انحطاط كراب العقلى بعدما انغمس فى السكر ولم يبقى منه سوى صورة سكير مدمن ضعفت ملكاته العقلية ، وأصبح يحتاج الى البحث فى المعجم عن معانى الكلمات التى كان يستعملها قبل ثلاثين عاما ، وتفاقم انحطاطة المادى ونخرت الأمراض فى جسده وبات يعانى من قصرالنظر والسعال وحشرجة الصوت وصعوبة المشى) ولم يعد له مستقبل يرجى. , كذلك لم يعد هناك مستقبل للشخصية الرئيسية فى عمل شجرة جدتى اذ سيغيب الحاضر/ الموت الفعلى الشخصية الرئيسية /الجدة ومن ثم نحن ازاء موت مجازى يقطر شقاء فى النص الأول(كراب) وموت فعلى فى النص الثانى (الجدة) ولكنه مليىء بالأمل بالمستقبل عبر الأبناء والأحفاد ، فالشخصيات الثانوية سنتعرف عليها من خلال الصور وشريط الفيديو المصور، ومن ثم تحمل حضور لمستقبل فى حين أغلق المستقبل فى وجة كراب للأبد ، فالزمن عند كراب غائب فهو يحيا فعليا فى الحاضر بينما هو منغمس فى الماضى بلا مستقبل وعندما يحاول تسجيل شريط جديد فأنه يقوم بذلك عبر مكبر الصوت ولكنه يبوء بالفشل ، إن استخدامه لمكبر الصوت نابع من إدراكة لعدم جدوى المحاولة ، أن يسمعه الآخرون حيث لا يوجد آخرون يشاركون الحياة لهو من قبيل الهراء ، لذا سيعاود الأستماع ، اذ لم يعد بالامكان إلا تذكر الماضى عبر مونولوج ذاتى لحاضر ساكن وماضى متحرك غني بالحياة ، فنعرف أنه فوق سطح الماء عرف لحظات السعادة النادرة ، وسيخبرنا الشريط عن(علاقاتة بأربع نساء أو خمس كان من الممكن ان يجد السعادة معهن، ولكن النتيجة المشتركة لهذه العلاقات كانت الفشل) .ويخبرنا شريط الفيديو لشجرة جدتي المصورعن ذكريات الماضى"كان ده من... من... سبعين... خمسة وسبعين ...لأ ثمانين ... يعنى تقريبا ثمانية سنه "، "وحشتينى أوى ياماما ... كان نفسى تبقى معايا يوم فرح بنتى...كان يوم حلو آوى ياماما ، وسيخبرنا كراب عن(شبابة الماضى السعيد ، اللحظات السعيدة التى تتخلل حياته الطويلة ، ومغامرة الحب الضائع التى جعلت لحياته قيمة ويتحمل بسببها حاضرة المميت الذى لا يطاق) ويخبرنا شريط الفيديولشجرة جدتي عن الماضى السعيد لطفولة الأحفاد والأبناء داخل بيت الجدة المسكون بخربشات غضبهم ودموعهم ورسومهم على الجدار الذى ظل كما هو منذ زمن , والذى اختلف هو الشعور بتلك اللحظات التاريخية وحضورة داخل الحاضر كذكرى وأثر لتاريخ مضى، كما يخبرنا شريط كراب عما فعلة طوال أعوامة التسعة والستين, واستعادة النسخة الصوتية الأصلية لحياة طافحة بالآمال الخائبة، والعلاقات الغرامية البائدة، و الإشراقات الخاطئة, كمحاولة لتثبيت الزمن .ويخبرنا شريط الفيديو لشجرة جدتي المصورعن ذكريات الماضى"كان ده من... من... سبعين... خمسة وسبعين ...لأ ثمانين ... يعنى تقريبا ثمانية سنه "، "وحشتينى أوى ياماما ... كان نفسى تبقى معايا يوم فرح بنتى...كان يوم حلو آوى ياماما ، وسيخبرنا كراب عن(شبابة الماضى السعيد ، اللحظات السعيدة التى تتخلل حياته الطويلة ، ومغامرة الحب الضائع التى جعلت لحياته قيمة ويتحمل بسببها حاضرة المميت الذى لا يطاق) ويخبرنا شريط الفيديولشجرة جدتي عن الماضى السعيد لطفولة الأحفاد والأبناء داخل بيت الجدة المسكون بخربشات غضبهم ودموعهم ورسومهم على الجدار الذى ظل كما هو منذ زمن , والذى اختلف هو الشعور بتلك اللحظات التاريخية وحضورة داخل الحاضر كذكرى وأثر لتاريخ مضى، كما يخبرنا شريط كراب عما فعلة طوال أعوامة التسعة والستين, واستعادة النسخة الصوتية الأصلية لحياة طافحة بالآمال الخائبة، والعلاقات الغرامية البائدة، و الإشراقات الخاطئة, كمحاولة لتثبيت الزمن .تبدو المفارقة بين النصين في اختلاف البنية , مابين بنية الصوت وبنية الصورة ، فلغة شريط كراب، مونولوجة تعود فيه اللغة الى دورها وعلاقتها بالواقع ولكنها متوترة ، مبتورة، مسترسلة لقطات تاريخية ورغم أن تلك الطريقة على سماع وفهم المرء نفسة حين يتكلم باعتبار أن هذا النسق يمثل نموذج للحضور،فكما يقول دريدا "ان الامتياز المنعقد للصوت لايستند الي خيار يمكن تجنبة ، ذلك أنه يتجاوب مع لحظة ما فى النسق ، لحظة ما فى الحياة ، أو مع لحظة فى الوجود ، من حيث هو علاقة بالذات، ان تسمع سماع/فهم المرء نفسة حين يتكلم من خلال المادة الصوتية التى تحضر بحد ذاتها بوصفها دالا غير برانى ولا يشترط شىء سواه ، فهو شىء ليس خارجيا عن ما أسمعة أولا ثم أفهمة ، إن استماعى الى كلامى وفهمة بينما أتحدث هما شىء واحد لا يتجزأ...ففى الكلام أبدو واصلا مباشرا الى أفكارى" , في حين لم يستطع كراب الوصول لأفكاره ففى كل مرة يدير الشريط لا يجد غير ذات أخرى ، ليست أخرى فحسب ولكن كما لو كان لا يعرفها، أنها مختلفة كل الأختلاف عن حاضرة. ويتفق النصان فى الكلام النابع من الذوات بشكل تلقائى مباشر فما بين الصوت المسجل لشريط التسجيل وشريط الفيديو تكمن خصوصية التجربة الانسانية ، التى تصل لحد العقم فى تجربة "كراب" ففى هذا النص تتكرر كلمة سكون أكثر من 80 مرة ، ويختتم النص بجملة "يواصل الشريط دورانه فى "صمت"، فلم يوجد فى الحياة الا الصمت الذى يتساوى مع العدم ، هذا الصمت الذى لا يمكن اختراقة حتى مع أستخدام مكبر الصوت فالصوت لم يعد يتعدى المونولوج الداخلى للذات . فى حين لا يمتلىء نص شادى بالذكريات فقط بل وأيضا بالمستقبل (وأعرفك إن أحنا كلنا ارتبطنا وتتطمنى و حطى خدك ، انا بدعى ربنا أنا وبنتى أن نبقى زيك فى صلاتك وايمانك وخرجتك وغسلك)وتبقى الطبيعة الصامتة حاملة لرائحة أيامنا،يحمل لنا الصابون المصنوع منه شاهد القبر رائحة الماضي وطريقة حياتنا وعاداتنا و تقاليدنا ويعود بنا الصبار لتذكر أيامنا العصيبة وذكرياتنا القاسية، وستحمل الكراسي التي تم تكفينها بالأقمشة استعداد للرحيل من البيت ذكريات جلسات العائلة، وأيام الشقاء والسعادة، الأفراح والأحزان، البكاء والغناء، اللعب والقراءة والجلوس فوقها، وستفني كل أشياء الطبيعة الصامته وسيفني الجسد وتظل الذكريات باقية داخل الوعي للأبد, داخل وعي كراب حتى وإن لم يسمع الشريط وداخل الأشياء المادية في بيت الجدة حتى بعد الرحيل .الاستماع لعالمان متناقضان عالم بيكيت يجسد عالم الشقاء الإنساني إزاء عالم فقد فردوسه ، عالم مستنفذ من الحياة لدرجة أن لا شيء يعوزه الطوقان ليجدده، لذا كتبها بطريقة المونودراما كأنسب شكل للتعبير عن العبثية التي تقوم على عزلة الفرد و استحالة التواصل الاجتماعي, في تصميم كوريغرافي مقتصد لأبعد الحدود ,في حين يمتلئ نص شادي بالموجودات ويحتفي بالحياة و بالأمل فعلي طول زمنية شريط الفيديو نسمع في الخلفية "صوت الآذان. فالرحمة الإلهية لم تغادر الحياة في حين غابت تماما في نص بيكيت وتركت الذات وحيدة في مواجهة عراء الوجود , وهذا نجعلنا نلقي نظرة علي تموضع الموت داخل النصين , في نص شادي كان حضور الموت عبر شاهد القبرالصابوني ليحيلنا إلي الرائحة التي ترمي بظلالها لمعني( الغسل, الطهارة ,النظافة ,التجدد)وسط جو مشع بالستائر ذات اللون الأبيض فالموت ماهو إلا حياة جديدة , أما لدي كراب فيعادل اللون الأسود بكل تبدياته (الليل ,المساء , الطائر الأسود , ملابس الحداد ) معني الموت سواء الواقعي أو المجازي , تجسدا للإنغلاق والوحدة. وإذا كان الهدوء والسكينة هما في الاستسلام والاسترخاء للاشئ / للعدم هو منتهي السعادة. إنهاء الحياة راحة للانسان لدي كراب (فلتقضي علي ذلك كله بحق المسيح) , حالة إنقطاع ونفي في حين الموت لدي شادي هو إستمرارية الحياة ذاتها عبردورة الوجود بلا إنقطاع .يري بعض الأفراد لحظات وومضات زمنية ومشاهد وأحداث ومواقع وشخصيات من الماضي وقد يشاهدوا على العكس أحداث مستقبلية بأن يروا أماكن وأحداث ستقع وبمرور الزمن تحدث فعليًا وقد يروا نفس الأماكن بالضبط التي رأوها في لحظة الاستبصار، وهوما أسماه العلماء السفر في الزمن. فالتر بنيامين ، شارع ذو اتجاه واحد ، صـ 13. خمس مسرحيات تجريبية , صمويل بيكيت , ت : د/ نادية البنهاوي , روائع المسرح العالمي , الهيئة المصرية العامة للكتاب , 1992. صمويل بيكيت : ( 1906-1989) من مواليد دبلن- إيرلندا، تفوق في دراسته واهتم بلعبة الكريكيت ، وداوم على مشاهدة الأفلام الأمريكية الصامتة كأفلام شارلي شابلن وبوستر كيتون , بين عامي 1923-1927 التحق بكلية ترينيتي بدبلن وتخصص في الآداب الفرنسية والإيطالية , حصل بيكيت على جائزة نوبل للأدب 1969 ، ولما سمعت زوجته بالخبر قالت : إنها كارثة، واختفى بيكيت تماماً ولم يذهب لحفل تسليم الجائزة. كتب بعدها ثماني مسرحيات منها( أنفاس 1969 ، الوقت 1975 ،وقع أقدام 1975واصل الكتابة والنشر خلال الثمانينيات ما بين مسرح (ارتجال أوهايو 1981 ،نكبة 1982 ، ماذا أين ؟ 1983) .ألخ,,,,,. شادي النشوقاتي "(1971) Shady Elnshokaty: من مواليد مديتة دمياط , حاصل علي الدكتوراة من كلية التربية الفنية , فنان من جيل التسعينيات , يعتبر من أوائل الفنانين في مجال فن الفيديو في صالون الشباب , حصل علي الجائزة الأولي والجائزة الكبري في صالون الشباب , كما شارك ببينالي فينسيا 1999 . شجرة بيت جدتي : عرض في جاليري تاون هاوس للفن المعاصر, بالقاهرة , 2001 , كما عرض بمدينة هيوستن 2014 . سوزان سونتاج ، الالتفات إلى ألم الآخرين ، صـ 28.. شريط كراب : قدّمت في فرنسا أول مرة عام 1960 بإخراج روجيه بلين وبطولة رونيه جاك شوفّار. حماده إبراهيم ، عالم صمويل بيكيت ، صـ 176 : 178. المرجع نفسه ، صـ 120. المرجع نفسه ، صـ 165 حسام نايل ، استراتيجية التفكيك ، صـ119. أنظر, خمس مسرحيات تجريبية , صمويل بيكيت , ت : د/ نادية البنهاوي, سبق ذكره. المرجع نفسه .

صور اخرى
 

أخبار اخرى فى القسم