الخميس 28 مارس 2024 - 12:08 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية قضايا نقّاد وأكاديميون في قصر الثقافة الشارقة ناقشوا السرد وتطوره في الإمارات

 

 
 

نقّاد وأكاديميون في قصر الثقافة الشارقة ناقشوا السرد وتطوره في الإمارات

  الأربعاء 15 سبتمبر 2021 08:13 صباحاً    الكاتب : السعودية / الأحساء : زهير بن جمعه الغزال




ناقشت ست دراسات نقدية استجابة الرواية الإماراتية لمتغيرات الواقع (من سرد الماء والصحراء إلى سرد الإنسان)، وذلك خلال ندوة سردية أقيمت في قصر الثقافة في الشارقة، بتنظيم من إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة. شارك في الندوة السردية نقّاداً وروائيين وأكاديميين، بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس، رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، وا محمد إبراهيم القصير، مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، وعدد من المثقفين والكتّاب ومحبي الكتابة السردية بمختلف حقولها الإبداعية. وتأتي الندوة ضمن فعاليات تسعى إلى إثراء المشهد الثقافي المحلي، ورصد تحولات الرواية والقصة القصيرة الإمارتية انطلاقا من سياقاتها الاجتماعية والتاريخية، وصولا إلى علاقتها بالرواية المعاصرة، والاستجابة إلى متغيرات الواقع. 3 جلسات شهدت الجلسات الثلاث تركيزاً مكثفاً على موضوع تحولات الرواية الإماراتية، في مسعى إلى تقصّي أجوبة نقدية في تحوّل البناء الروائي وفقاً لمتغيرات الواقع التي تطرأ من وقت إلى آخر، وتمثّل دوراً محورياً في السردية المكانية والزمنية. حملت الجلسة الأولى عنوان "الرواية وجماليات الاستجابة إلى متغيرات الواقع"، وترأسها الأديب الإماراتي إبراهيم مبارك، وحاضرت فيها الأكاديميتان د. زينب الياسي ود. بديعة الهاشمي. وقدّمت د. الياسي ورقة عمل بعنوان: "بين الحنين إلى الماضي والاستجابة للواقع (نماذج روائية)، وأشارت إلى أن الرواية الإماراتية تنقّلت منذ عقود خلت إلى العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين إلى مواقع مختلفة من حيث المضامين والتشكيل، وأرجعت سبب هذا التنقّل إلى التجريب والرغبة في ممارسة فعل الكتابة لمواضيع فيها الحنين إلى أمكنة الماضي حيناً، و إلى عوالم وشخوص حلَّ عليها النسيان بفعل التقادم الزمني حيناً، وصولاً إلى الخوض في قضايا الإنسان وعوالمه المتخيّلة. وارتكزت ورقة عمل د. الياسي إلى ثلاثة محاور رئيسية، هي: الذاكرة والتجريب، والحنين إلى الماضي (نماذج روائية)، والإنسان المعاصر ومتغيرات الواقع ( رواية ذوات). وقالت الروائية الإماراتية زينب الياسي، في المحور الأول، إنَّ التجريب بين قضايا الماضي و قضايا الحاضر حرَّك النتاج الأدبي السردي الإماراتي بشكل عام، والنتاج الأدبي الروائي بشكل خاص؛ مما أدى إلى تنوّع النتاج الروائي للمبدع الإماراتي بين قضايا الماضي و الحاضر باحثاً عمّا يلبي حاجته للتعبير، متنقلاً بين قضايا البحر، ورصدت الياسي عدة روايات تناولت هذا التجريب "كما في رواية (تيتانيك الأحلام) لعبد الرضا سجواني، وقضايا الأرض كما في رواية (آخر نساء لنجة) للروائية لولوة المنصوري، و(طوي بخيتة وبنت المطر والزغنبوت) للروائية مريم الغفلي"، فيما ذكرت في المحور الثاني أن هناك العديد من الروايات الإماراتية التي جعلت من الماضي مادة ينبني من خلالها العالم الروائي ، وهو العالم الذي يزاوج فيه الكاتب بين الماضي بأحداثه وأمكنته وأزمنته شخوصه، وبين المتخيل الذي يرسم صورة جمالية فنية للعمل. وخلصت الياسي في المحور الثالث إلى أن عدداً من الكتّاب والروائيين الإماراتيين تناولوا الواقع المعاصر في كثير من أعمالهم الروائية والسردية، وقد كان للقضايا المختلفة حضور و رؤية بحسب توجه الكاتب، موضحة أنّ قضايا الإنسان المعاصر المختلفة والكثيرة و المتشعبة، ومناقشتها من الأدباء والروائيين ما هي إلا حاجة مهمة يتطلبها الأدب الإنساني حين يكون مشتركاً في التفكير الجمعي، حين يحضر عقل المؤلف مع عقول القراء على طاولة النص من أجل قراءة لقضايا مختلفة، تشكل هواجس و شواغل فكرية واجتماعية. د. بديعة الهاشمي تناولت ورقة عمل حملت عنوان "الرواية الإماراتية وجماليات الاستجابة إلى متغيرات الواقع –دراسة في المضمون والشكل الفني-"، وأشارت إلى أن الشكل الروائي هو الجنس الأدبي القادر على نقل الأزمنة الصعبة والمأزومة، قائلة "من الواضح أننا نعيش في عصر الأزمات والانهيارات والتصدّعات، وهذه الأزمات انعكست على ثقافتنا، وفي وضع كهذا يبدو أن الكاتب الروائي قد لجأ إلى استجلاء صور هذه الازمة، وكأنه أدرك عِظَم المسؤولية الملقاة على عاتقه". وأكملت الهاشمي :" وبذلك أصبحت الرواية تنطق بصوت المجتمع وتحوّلاته، والواقع الإنساني وتغيراته وتناقضاته بصدق وشفافية. ولم تكتف الرواية بتصوير الأمكنة والشخصيات والحوادث، ولم تقف عند حدود وصف مجريات الواقع فقط، بل إن بعضها اتخذ من النقد الاجتماعي والفكري والحضاري وسيلة لتشريح الأزمات وإبرازها وتحليلها، بغية تقديم علاجات تسهم في طرق الخلاص منها. وهذا أدل على أن الرواية قابلة دوما للتطور ومواكبة التحولات التي تحيط بالوجود الإنساني، وما ظهور ما يسمى اليوم بالرواية الرقمية أو التفاعلية إلّا شكل من أشكال هذه الاستجابة الجمالية لتغير ملامح الواقع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي". وأبرزت الهاشمي أن الرواية الجديدة تمتاز بعدة خصائص لا تنحصر في عنصر فني بعينه، وإنما تشمل الخطاب الروائي ككل، إذ تطال الشخصية والبنية والفضاء الروائي وغيرها. ومنها: تخلي الرواية عن كرونولوجيا الحكاية، وتنظيم الحكي واتجاهها نحو التجزيء والتشظي الزمني، وفقدانها للترابطية النفسية والحتمية. وخلصت الهاشمي إلى القول إن تحولات جماليات الشكل الروائي ليس أمرا عارضا أو اعتباطيا، وليس ترفا أو غاية يريد بواسطته الروائي أن يستعرض قدراته الفنية، بل هو شكل من أشكال التعبير عن الواقع، فهذه التحولات وطيدة الصلة بها، ونتيجة من نتائجها. التجريب حالة معرفية جاءت الجلسة الثانية بعنوان "تجليات التجريب في الرواية المعاصرة"، وترأستها د. رحاب الكيلاني، وشارك فيها كلا من القاص والناقد عزّت عمر، والقاص إسلام أبو شكير. تحدث عزّت عمر بدايةً منطلقاً من تعريفه للتجريب في الرواية، قائلاً :" هي حالة معرفية تجلّت إبداعياً في الرواية العربية منذ دخول مجتمعاتنا على التوالي مرحلة الحداثة وما بعدها بكلّ ما حملتاه معاً من وعي جديد وقيم جمالية وأفكار فلسفية تواشجت مع الثقافة العالمية، وكانت الانطلاقة الفعلية لهذه الرواية قد بدأت في مصر في بدايات القرن العشرين مع محمد حسين هيكل وتوفيق الحكيم وطه حسين وعلى تعاقب الأجيال بعدها في الخمسينيات والستينيات ودخول مجتمعات جديدة في نهج الحداثة والعصرية لتتبوأ الرواية العربية صدارة الأجناس الأدبية، وبخاصة في الإمارات العربية المتحدة ودخولها المبكر مرحلة ما بعد الحداثة بفكرها واقتصادها وانماط عيشها والانفتاح والتواصل الإنساني مع العالم بكلّ ثقافاته وجنسياته التي تتعايش فيها كنموذج عالمي متقدّم". ويرى عمر، في ورقته "تجلّيات التجريب فب الرواية المعاصر"، أن كلّ رواية دخلت غمار الحداثة، وفي أي زمان ومكان هي مشروع تجريبي يسعى الكاتب لإنجازه بما استلهمه من حراك الواقع أو الحلم والعلم والفلسفة والتاريخ وسواها، متناولاً رواية "الديزل" للروائي الإمارتي ثاني السويدي كمثال بقوله "مع رواية "الديزل" لثاني السويدي 1994 دشنت الرواية الإماراتية عهدها بالتجريب، إذ فاجأت هذه الرواية المشهد الثقافي بما قدّمه من أسلوب حداثي بشر بولادة جيل جديد له قيمه ومقترحاته الجمالية في إطار التجريب". وانتهى عزّت عمر إلى قوله :"مع مرور الزمن بدأ مفهوم التجريب يتوطّد ويتقدّم مع الأجيال المثقفة التي استفادت بلا شك من منجز الجيل الذي سبقها مغامرين بوعي ناقد وإبداع مغاير يعكس مقدار التفاعل مع المتغيّرات التي طالت المدينة الإماراتية، في مرحلة مفصلية وذات خصوصية وزمن انفتاح الثقافات على بعضها، وبذلك فإن الجيل الجديد سيتخفف من أعباء الخوض في المرحلة الانتقالية التي عبّر عنها جيل الروّاد من الكتّاب والكاتبات، وسيتناول قضايا جديدة ترتبط بالمرحلة المعاشة في مدينة ما بعد الحداثة". من جهته، عاين إسلام أبو شكير واقع التجريب في ورقة عمل بعنوان "الرواية الإماراتية في الألفية الثالثة -رؤى جديدة في الفن-". واستهل القاص السوري حديثه بالقول :" في الحديث عن الرواية الإماراتية لا بد من إشارات إلى خصوصيةٍ مصدرها (ظروف النشأة) من جهة، حيث القصر النسبي في التاريخ وذلك قياساً إلى تجارب عربية أخرى قريبة أو بعيدة؛ والتحولات العميقة التي مر بها المجتمع الإماراتي من جهة أخرى، وذلك انطلاقاً من بيئتي الصحراء والبحر وما يميزهما من بساطة وعفوية، وصولاً إلى بيئة المدينة الحديثة وتعقيداتها". وأشار أبو شكير إلى أن الرواية لم تعد موضوعاً فقط، بل أصبحت مجالاً لتوظيف تقنيات وأساليب غير مطروقة، في محاولة للوصول إلى عمق هذا العالم الذي يعيشه الروائي، والمختلف جذرياً عن العالم في المرحلة السابقة، موضحا "فالروائي الإماراتي من جيل الألفية الثالثة لم يعش ظروف الأجيال السابقة عن قرب، وبشكل مباشر. وعلاقته بالصحراء والبحر (الموضوعين الرئيسين اللذين هيمنا على مجمل المنجز الروائي السابق) اختلفت كلياً، بحكم اختلاف الظرف الاقتصادي والثقافي والاجتماعي. والمشكلات والتحديات اختلفت بدورها، كما اختلفت العلاقة بالعالم المحيط". وتناول أبو شكير رواية "غرفة واحدة لا تكفي" للكاتب الإماراتي سلطان العميمي عينة لدراسته، وأبرز بنيتها المغايرة إلى حد ما، مبيّناً بقوله "وذلك بالمقارنة مع التجربة الروائية الإماراتية السابقة، فسلسلة الأحداث في الرواية تغطي مساحة زمنية واسعة تبدأ بمرحلة ما قبل النفط، حيث المجتمع البدوي البسيط، بثقافته وعلاقاته والظروف البيئية التي يعيشها، والتحديات التي يواجهها، والصراعات التي يخوضها.. وتنتهي في مرحلة الحداثة أو ما بعدها، حيث المجتمع المدني المنخرط في أحدث قضايا العصر قيماً ومظاهر وتعقيدات". الأدب مرآة العصر ناقشت الجلسة الثالثة "الرواية الإماراتية الآن ... سيرة الإنسان"، وأدارها القاص الإماراتي محسن سليمان بمشاركة فتحية النمر وسامح كعوش. قال النمر في بداية حديثها إن العنوان ( الرواية الإماراتية من سرد الصحراء والماء إلى سرد الإنسان ) هو إشارة واضحة ودلالة أوضح على مجموعة التحولات الملموسة التي طرأت، و ما تزال تطرأ على الرواية الإماراتية نتيجة لظهور النفط والغاز وقيام الاتحاد في عام 1971 ،فالرواية منذ نشأتها على يد راشد عبدالله وروايته (شاهندة) وهي تواكب ما يحصل في هذا المجتمع من أنماط التبدّل والتغيير. وفيما كانت تتحدث فتحية النمر عن ثنائية المكان بين الصحراء والبحر، تساءلت :"في هذه المرحلة الصعبة من عمر الدولة في (السبعينيات) هل خطر ببال كُتّاب الرواية تحديدًا الذهاب إلى أمداء أبعد، بالخوض والتناول متجاوزين تلك المساحة المحدودة والهامش المعروف لهم ،كظلم الصحراء وخطر البحر والفقر والحاجة والعوز والضياع والتقشّف متطرّقين إلى الإنسان من الداخل مثلًا؟ والاقتراب من الأعماق الدفينة لقراءة هذه الأعماق، والوقوف على ما تزخر به من معانٍ ومفاهيم كالمخاوف والقلق وغرابة الأطوار؟". وخلصت النمر إلى القول إن الأدب مرآة العصر و المكان والإنسان، وكما أنّ الأديب ابن عصره و بيئته، يتأثّر بها و يتفاعل معها، فعليه أن يتحرّك ويشحذ همّته ولا يضيّع وقته وحبره وأوراقه في الكتابات التي تخلو من الوعي والقيمة، ليكون قابلًا لتحقيق هذا عليه أن يربّي نفسه ويقوّي قلمه وينهل من العلوم والمعارف، ليكون مليئًا، ولديه ما يقوله ويكتبه. فالقلم رسالة وأمانة. وسعى كعوش بداية إلى تفكيك عنوان الجلسة، وقال :"لأنّ موضوع جلستنا هو "الرواية الإماراتية الآن – سيرة الإنسان" فلا بد من تفكيك العنوان إلى مفردتي موضوع هما: السيرة والإنسان، وللسيرة علاقة وطيدة بالمبدع في جميع أحواله، وبالتالي بالإنسان الذي هو نبض المكان المقصود، وهو محور حركته الكونية في بقعة جغرافية معينة، نقصد بها هنا المكان الإماراتي دون سواه، فكاتب السيرة أكانت ذاتيةً أو غيريةً، وكل رواية فيها الكثير من كتابة السير، وتتبع الأثر". وأشار إلى أن عنوان الجلسة في العلاقة بين الرواية والمكان الإماراتي وسيرة الإنسان "يُحيلنا إلى إمكانية القول بالمكان، كما رآه ميلان كونديرا متحولاً وواعياً للاستمرارية في الكتابة، منذ شاهندة راشد عبد الله، الرواية الأولى في الإمارات، من خلال علاقة البطلة بقريتها "الحيرة"، في تاريخ ملابسها، وأعرافها في المأتم والزفاف، وهواياتها الرياضية أو أعيادها، كما تكمن في مدى اقتراب هذا الفن الروائي الخاص". وفي ختام الندوة؛ أجاب المشاركون على عدد من تساؤلات طرحها الضيوف والحضور، وتمحورت حول أهمية الرواية الإماراتية في استحضارها للماضي بصوره ومشهدياته المتنوعة، لتنفتح الندوة إلى آفاق حوارية شكّلت زاوية نقدية جديدة.

 

أخبار اخرى فى القسم