الجمعة 19 أبريل 2024 - 07:56 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

إبراهيم ناجي الطائر الجريح


محمد ناجي المنشاوي
السبت 04 سبتمبر 2021 01:17:15 صباحاً



وقع إبراهيم ناجي الطبيب الشاعر أو الشاعر الطبيب بين مبضع جراح الجسد ومبضع جراح الروح، يعاني العذاب والألم في حياة منغصة لاتصفو إلاسرعان ماتتكدر ولاتشرق شَمسها إلا سرعان مايحل الظلام متأبطا ذراع ليل موحش كئيب إنه ناجي المولود في 1898 والمتوفي في 1953 ومع ظهور ديوانه الأول (وراء الغمام) عام 1934 حتى استقبله الدكتور طه حسين استقبالا غير متوقع إذ قلل من قيمة شعر ناجي فأصيب بالإحباط وسافر إلى فرنسا يائسا وحزينا ولكن أصدقاء ناجي المقربين تحدثوا مع الدكتور طه حسين في رأيه السابق فقال لهم (إنني قسوت على ناجي فإذا كان الشعر عنده مجرد نزوة فسوف ينصرف عنه اما إذا كان شاعرا جادا فسوف يصمد أمام النقد ويستمر) فكاتبوا لناجي بذلك الرأي ففرح وعاد إلى مصر مسرعا وكان قد قضى في فرنسا وقتا كتب فيه مجموعة قصصية سجل فيها بعض المواقف الطريفة التي صادفته في مهنة الطب بعنوان (أدركني يادكتور) ومجموعة قصصية أخرى بعنوان (مدينة الأحلام) إذ كان ناجي معروفا بخفة دمه وظرفه وكان واحدا من ظرفاء ذلك الزمن الجميل وقد رصد له الباحثون في مجال القصة قرابة خمسين قصة منشورة مبعثرة في صحف ومجلات عصره المشهورة فيمابين عامي 1933 و1953 وكان والده يعمل بمصلحة السكة الحديد وكان رجلا مثقفا يملك مكتبة غنية بكتب الأدب العربي والعالمي فعب منها ناجي ماشاء الله له من عب وأتقن الفرنسية إتقانا وكذلك الإنجليزية مما مكنه من ترجمة الكثير من أشعار (توماس مور) و (الفريد دي موسيه) و(شارل بودلير) وصدر لناجي بعد (وراء الغمام 1934) (ليالي القاهرة 1944 وهو الديوان الذي احتوى قصيدة ناجي الأكثر شهرة " الأطلال" والتي شدت بها كوكب الشرق ام كلثوم من ألحان رياض السنباطى والتي اختارتها المنظمة العالمية للثقافة اليونسكو كأفضل أغنية في القرن العشرين على مستوى العالم أجمع) ثم دواوينه (في معبد الليل عام1948) و(الطائر الجريح عام 1953) وبعد وفاته جمع له الشاعر حسن توفيق بعض قصائده التي لم تنشر في حياة ناجي وقدمها في ديوان بعنوان (قصائد مجهولة) وكان ناجي قدعمل بمدينة المنصورة في عام 1947وهي المدينة التي تعد مسقط رأس أسرة ناجي التي نزحت مبكرا إلى القاهرة لتقطن حي شبرا ومن الطريف أن ناجي كتب قصائد جمة مهداة إلى (زازا) فمن زازا هذه؟ والتي هي بطلة قصيدة الأطلال _ إذ أسرعت عدة فنانات ليزعمن أنهن المقصودات بذلك ونسجت كل واحدة منهن قصة حب من نسج خيالها مع ناجي لتنال شرف كتابة الأطلال عنها ولاسيما بعد أن حققت نجاحا مذهلا عند جمهور المستمعين في كل أنحاء العالم العربي التي ماانفكت إذاعاته تذيع تلك الأغنية الفريدة ومن هؤلاء الفنانات زوزو نبيل، وزوزو شكيب وزوزو حمدي الحكيم وتلك الأخيرة كانت دائما المرشحة الكبرى لتلك الإشاعة نظرا لتواجدها بالمنصورة وقت ان كان ناجي يعمل بها طبيبا وقبل أن تنزح هي وأسرتها إلى القاهرة لتعمل بالتمثيل ولكن الباحث والكاتب وديع فلسطين يشير في كتاب له حول ناجي أن زازا كانت فتاة من شبرا تدعي (زينب) و ارتبطت بناجي ارتباطا عاطفيا متينا وعشقها ناجي وتيم بها وهام بها حبا وكانت تعيش بمفردها وناجي يختلف إلى منزلها كلما اشتدت به النوازل واتسعت هوة الخلاف والشقاق بينه وبين زوجته والتي كانت الحياة بينهما مزيجا من الشجار والخلاف وعدم الاستقرار إذ كان ناجي يعكف على الخمر ويعاقرها بينما زوجته من أسرة عريقة محافظة ولم يكن في الإمكان التوفيق والتآلف بين شخصيتين مختلفتين جد الاختلاف بين زوجة محافظة وزوج منفلت وزوجة تراعي قيود التقاليد الاجتماعية وزوج متحرر من كل القيود حتى أنه عاش أيامه الأخير مع (زينب فتاة شبرا) ومات على كتفيها، ويروي الباحث محمد رضوان رواية أخرى عن زينب (زازا) إذ يقول (بدأ اللقاء على الورق من جانبها حيث بعثت له برسالة إعجاب مالبث أن رد عليها حيث كانت تقيم في بني سويف بصعيد مصر واستمرت المراسلات بينهما لمدة عام كامل تدور كلها حول الأدب والفن والشعر ثم كان أول لقاء لهما في الأسكندرية ثم بدأت تعمل بالفن ولكن أسرتها اعترضت فقام ناجي بدور كبير في إقناع أسرتها الاشتغال بالفن ثم مالبث أن جعلت من بيتها صالونا ادبيا تقيم فيه ندوات أسبوعية منتظمة، كان يؤمها ناجي والموسيقار محمد عبد الوهاب والعقائد ورامي وعلى محمود طه وفكري أباظة وصالح جودت وانورمحمد ومحمد التابعي) وهكذا ولكن سرعان ماتبدد هذا الحب وفجع بمصرعه أي فجيعة وعاش وحيدا يصارع لوعات الفراق ولكن ظلت زازابجانبه ثانية وهو مريض بذات الرئة وفي صباح يوم الثلاثاء 24 من مارس عام 1953 كان ناجي في عيادته ومعه ابنته (ضوحية) وقام يفحص مريضا فارتمي ناجي برأسه على صدرالمريض لتفيض روحه إلى بارئها ويتردد صوت ناجي بين جنبات غرفته وهو مسجي في كفنه : حان الوداع ففيم ننتظر؟ نزل الستار وأقفر العمر لم يبق إلامقفر تعس تعوي الذئاب به وتأتمر هو مسرح وانفض ملعبه لم يبق عين ولا أثر ورواية رويتوموجزها صحب مضواوأحبة هجروا عبروا بهاصورافمذ عبروا ضحك الزمان وقهقه القدر) ولما علمت زازا بوفاته لم تصدق وقالت إنه لم يمت بل ذهب ولم يترك عنوانه وبعد وفاته أصدرله المجلس الأعلى للثقافة أعماله الكامله عام 1966وطبعت دار العودة ببيروت أعماله الكاملة وكم من أطروحات لنيل درجة الماجستير والدكتوراة تناولت شعر ناجي وكذلك كتب متعددة ودراسات متنوعة منها دراسة أسلوبية بنائية في شعر ناجي للدكتور شريف الجيار عن الهيئة المصرية العامة للكتاب وكتاب ناجي الشعر والأداة للدكتور طه وادي وغير ذلك الكثير والكثير من الدراسات وسيبقى الدكتور إبراهيم ناجي خالدا في تاريخ الأدب العربي على امتداد الزمان لما قدمه من شعر رومانتيكي رائع يطاول به رواد هذا اللون من الشعر في مختلف الآداب الإنسانية العظيمة